الأحد، 31 يوليو 2016

كم اشتقت لك يا أبي

أميمة عبد العزيز زاهد


ليس الألم في رحيل من نحب، ولكن كل الألم في رحيل أرواحنا معهم، مقولة تعني لي الكثير، فعندما أكتب عن أبي أعود كالطفلة الصغيرة التي تشعر بيتمها فأشتاق للبكاء بين يديه، وأحلم بوجوده معي في كل لحظات حياتي،

رحمك الله يا أبي، فمازلت أكتب لك وأنت في دار الحق، أكتب لك والحزن لا يزال يسكن جذوري، وأعرف بأنك لن تقرأ ما أكتبه، ورغم رحيلك منذ زمن بعيد إلا أنك تركت لي آلاف الذكريات التي تعيش في كياني وبداخلي وأمامي، وما زلت أشمّ رائحتك تعّطر مسامي، أود أن أجلس أمامك وأنظر في عينيك، وأعبث في شعرك، وألمس يديك، أبي كم أشتاق لمناداتك، وكم وحشتني، فأعماقي ما زالت تزداد اشتياقاً إليك، ومازلت أحن إلى ذراعيك وصدرك الحنون وقلبك الكبير وحضنك الدافئ، واشتاق إلى كلمة تدليل تبث النبض في أعماقي، أريد أن أهمس لك عن كل ما يدور في قلبي وعقلي ووجداني، وأخبرك بأن ابتسامتك وحشتني، ووحشني حوارك وجلستك وعيناك وملامحك، حركاتك ونبرة سكوتك وصوتك وقامتك، آه يا أبي، إن شعوري باليتم يزداد كل يوم، نعم أشعر بذلك، فكل نبضة من نبضاتي وكل عرق من عروقي يصرخ باليتم، أدركت معنى اليتم رغم كبر سني، وشعرت بالخوف، و تمنيت لو كنت يا أبي على قيد الحياة؛ لتركت كل ما حولي لأطبع عشرات القبل على جبينك الطاهر، وفوق يديك وقدميك، وبمجرد أن تنظر، إلي وتربت على ظهري، وتدعو لي، تزول بعدها أحزاني وهمومي، أود أن أخبرك بأنه لا يزال يعيش في وجداني سنوات سعيدة لن تغيب ذكراها عن بالي، فرغم غيابك إلا أنى مازلت أستشعر وجودك معي، وأراك في كل من حولي وفي كل موقع، وفي كل ركن وزاوية، وفي كل نجاح وفشل، في كل لحظة فرح أو حزن، وأسمع نصائحك وتوجيهاتك، وأحسك معي وأشعر بحنيني لأيام كنا نضحك ونتسامر ونتناقش ونتحاور، وعندما أتنبه لعدم وجودك لحظتها أحس أني في تحد ومواجهة صعبة مع بدايات جديدة.

نعم لقد رحلت يا أغلى الناس، وتركت بصمات ومواقف وأحداث لن أنساها، فسامح تقصيري إن كنت سبباً في حزن قلبك يوماً، سامحني لأني لم أقدر قيمة الوقت في لحظتها، ولم أمتع نفسي بالجلوس بجانبك أطول فترة ممكنة، فرحلت وأنا لم أشبع من حنانك وعطفك وعطائك.

نعم لقد رحلت كما رحل كثيرون، فلكل أجل كتاب، وساعة القدر لا تتأخر ولا تتقدم ثانية، إنها سنة الحياة، فكل شيء إلى زوال ولا نملك إلا الامتثال لمشيئة الله سبحانه، والتسليم بقضائه وقدره،‏ فنحن عابرون في زمن عابر من دار الممر إلى دار المقر.

إنه رحيل على أمل اللقاء، ولا أملك سوى الدعاء لرب العباد أن يغفر لك ويرحمك، ويكرمك وكل أحبتنا، وأن يجمعنا جميعاً في مستقر رحمته على سرر متقابلين بإذن الله..



كم اشتقت لك يا أبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق