الأحد، 31 يوليو 2016

أجابه :الوحشة..ثم ابتسم

قفُ في منتصفِ زحام العالمين، لا أنا التي تسير بها الحياة، ولا أنا التي تخلق وجهة أخرى أكثر رحابة وهدوءاً؛ فهذا السعير الذي يدميني لا يقربني من الموت إطلاقاً؛ بل هو أكثر رحمة من بعض الوجوه التي كنت أظنها صديقة؛ فبعد كل خيبة اجتزتها أو اجتازتني هي، تعلمتُ كيف يكون الوقوف على الحياد مع كل ظرفٍ ينبئني برحيلٍ طارئ، أو بوجعٍ قادم أكثر تعايشاً وجمالية، مللت الانتظار، مللت ارتياد المناطق المكررة؛ فقد حانت اللحظة المنسية، لحظة التيه والهزيع، اللحظة التي لا تغفو ولا التي تدعني أغفو إلا من أجلِ أن أتحول لرفاتٍ وغبار، أيها الصديق الذي تركني أترقب الموت بكلِ خشوعٍ وسكينة بمفردي، الصديق الذي علمني المرارة أكثر من الحب، شكراً لهذه الأحزان الطيّعة، للاحتضار السماويّ، الذي اجتاحني من حيث أعلم وتعلم، أقفُ مرةً أخرى في الأمام، أجابه الوحشة ثم أبتسم، أنا أبتسم بملء الروح، ولا أتصنع الراحة إطلاقاً؛ لذا أقفُ أمامك بجسارة كشجرةٍ لا تكسرها الرياح، ولا تخيفها الظلمة، ها أنا أتصالح مع جذوري، مع الجذور التي تشعرني بإنسانيتي وبصلاحي رغماً عنك، ثم ألتفت يمنةً ويسرة فألقي التحية على هذا الخواء الذي يملأ المشهد العام بصريرٍ غير محبب، وبنشيجٍ مكتوم، لكني صدقاً، بتُ متصالحة مع بشاعة الصمت، كما متصالحة مع فجاجة الحنين، قبل الالتفاتة الأخيرة: ابتعد يا صديقي عن إضرام الحرائق، وكفّ عن إشعال الذكرى أكثر من المفترض، يا صديقي تحوّل لأيّ أمرٍ يشبه العدم في جمودهِ، ودعني أتوحد مع يباسي كما أشاء..



أجابه :الوحشة..ثم ابتسم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق