الجمعة، 29 يوليو 2016

جزيرة هينان الصينية ...تحفة فنية متكاملة

هينان، الواقعة قِبالة سواحل أقصى جنوب الصين، باتت محطة الاستجمام رقم واحد لدى «الأثرياء الجدد» الصينيين، لموقعها المتميّز ومناخها المداري المعتدل جلّ أيام السنة. كما تسعى السلطات منذ سنوات إلى بناء بنىً تحتية سياحية ومدنية حديثة، ما يجذب أعداداً مُطَّرَدة من السياح، الصينيين بشكل خاص، وأيضاً من دول آسيوية أخرى.
ظهرت في الصين، خلال العقود الأخيرة، طبقة من الأغنياء الجدد، بعضهم فاحش الثراء. فعقَب انتقال البلاد من نظام شيوعي مُتزمّت إلى نظام شبه رأسمالي منفلت، مُفرط الليبرالية، ركب الموجة أولئك الذين يحظون بالقدر الأكبر من الحذق وروح المبادرة، لكن أيضاً بعض الانتهازيين والوصوليين و… «أصحاب الواسطة» المقرَّبين من أعيان السلطات المركزية والمحلية. في أي حال، مع تحوّل الصين إلى «ورشة العالم»، بما يدرّ به ذلك الإنتاج الصناعي الهائل من مئات مليارات الدولارات، بَزَغَت طبقة الأثرياء الجدد تلك، الذين يُطلق عليهم محلياً اسم «باو فاهو». هكذا، خلعت الصين «الزّي الموحَّد» الذي امتازت به عُقوداً في الماضي القريب، في عهد ماوتسي تونغ و«الثورة الثقافية» والنظام البروليتاري. وفي الوقت نفسه، عافت «بلاد العم كونفوشيوس» الأحادية الفكرية والاجتماعية والمعيشية والطبقية لكي تُجرّب بدورها التعدُّدية، بما لها من مآثر وعليها من «أعراض جانبية».

«تهوين» هينان
أما وسط الجزيرة وأعماقها، فتتألف بشكل خاص من غابات وأحراش مداريّة كثيفة، يصعب العيش فيها. لذا، اتخذتها مَلاذاً أقَلِّيَتا «لي» و«مياو»، اللتان تشكلان، بحسب المؤرخين، أقدم قوميتين في هينان، بعبارة أخرى سكانها الأصليين. لذا، في العصور الغابرة، لاسيّما بدءاً من نهاية القرن الرابع عشر، في عهد سلالة «منغ» الصينية المعروفة بضراوتها، طالما أصبحت الجزيرة مسرحاً لتمرّدات عنيفة من جانب سكانها الأصليين، عمدت السلطات الإمبراطورية المركزية إلى قمعها بالدم والحديد، حرصاً على عدم خسارة ما تمثله من موقع استراتيجي منيع. وذلك ما دفع تلكما الأقليّتين، «لي» و«مياو»، اللتين يبلغ تعدادهما حالياً نحو مليون ونصف المليون شخص، إلى اللجوء إلى أعماق الجزيرة والاحتماء بالغابات والأحراش، عصيّة الولوج هرباً من بطش جيوش الإمبراطور. كما يُفسر ذلك أيضاً، أنّ السكان الحاليين في أغلبهم من قومية «هان»، الغالبة في الصين. فعلى مَرّ القرون، «عَسْكرت» جحافل القوات المُرسلة من أعماق البلاد، بغية قمع الانتفاضات المتواصلة وإرضاخ المتمرّدين. وفي سعي السلطات إلى «تهوين» الجزيرة، أي جعل قومية «هان» هي الغالبة، أمرت أفراد تلك القوات بالمكوث بشكل دائم. فـ«عَشّش» هؤلاء وخلفوا ذرية كبيرة سادت في هينان، إلى أن أصبحت غالبيّة فعلاً.



جزيرة هينان الصينية ...تحفة فنية متكاملة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق